علماء وأدباء ومفكرون غربيون مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم
ومنهم من اعتنق الإسلام
(1 من 4)
يخاطب الإسلام العقل والضمير والوجدان عند أصحاب العقول والعلماء والأدباء والشعراء والروائيين، وكثير منهم أشادوا بالدين الإسلامي أو أسلموا، ولكن تم التكتم على مواقفهم .إذا أراد الغربيون أن يقفوا على حقيقة الإسلام فليسألوا فلاسفتهم وعلماءهم وأدباءهم، ونظرًا لكثرة هؤلاء وكثرة المؤلفات التي وضعوها عن الإسلام، فسنكتفي بذكر بعضهم. رغم التصريحات الرسمية المسمومة والافتراءات الغربية على نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم والصور والرسوم الكاريكاتورية الساخرة، فإن الإسلام سيظل الرسالة الخالدة لإصلاح البشرية، التي فرض عليها الغرب حضارة كارثية دمرت الإنسان وبيئته. يقول الصحفي السويسري الشهير روجيه دوباسكويه في الفصل الأول من كتابه إظهار الإسلام وقد كتبه المؤلف لإظهار حقيقة الإسلام لمواطنيه السويسريين وللمتحدثين بالفرنسية، ثم ترجم في كمبردج إلى الإنجليزية وترجمه الناشر إلى العربية -: «يستحوذ الإسلام في السنوات الأخيرة للقرن العشرين على اهتمام الغرب، ورغم طفرات الحضارة الحديثة احتفظ الإسلام بالقيم التقليدية التي هجرها الغرب، وبقي عالم الإسلام في نواح كثيرة عالم الإيمان والصلاة. لا يمكن لأحد يدرك وجود حقيقة باقية لا نهائية فوق عالم اليوم الفاني إلا أن يكترث بالإسلام. إظهار الإسلام يعني إثبات الدليل على إمكان العيش في ظلال الحقيقة على المستويات الفردية والاجتماعية، عيشة كاملة بلا تنازل أو حلول وسط«.
تحدث روجيه دوباسكويه عن أزمة الحضارة الغربية والكوارث التي تزلزل العالم الحديث، وفشل الفكر الحديث في تقديم تعريف متماسك للإنسان بسبب الجهل الكامل عن سبب ظهوره وعيشه وموته. وتحدث عن الانقلابات الاجتماعية والإفساد الأخلاقي والفراغ الروحي الذي يعيشه العالم الغربي .يقول دوباسكويه»: لا يقنع الإنسان بالحضارة العصرية لأنها تقدم له كل شيء إلا الجوهر، ولذلك تبدو عبثية، لم ينشغل الإنسان جدًّا ولهوًا من قبل مثل اليوم ولم يصبه مثل ملل اليوم. فشلت الإنجازات الهائلة للعلم والتكنولوجيا، سواء كانت متمثلة في التلفزيون أو غزو الفضاء أو تقدم الطب في أن تقدم له العلاج الشافي للسأم. تلهى الإنسان في عصر الآلة وانشغل وتشتت ذهنه وفشل في الوصول إلى الجوهر الحقيقي للروح الذي يتحقق بإنجاز المهمة السامية التي خلق الإنسان من أجلها «.ويؤكد المؤلف أن نظرة الإنسان المسلم للكون تختلف تمامًا عن نظرة الإنسان التقاني الذي لا يهمه إلا إشباع شهواته .ويقول في الفصل الثاني»: ينظر الإنسان التقاني إلى العالم كشيء يتصرف فيه كيف يشاء ليشبع رغباته. فلطالما لم يتبين أي أهمية له، أو ما يستدعى احترامه... وبعد تجريده من أي قداسة يستغله وينتهكه ويدمر انسجامه ويثير الأزمات البيئية المغلقة، وعلى النقيض يرى المسلم في الخلق عملا إلهيا مجيدًا، بما يحتويه من علامات ناطقة لنظام علوي، لا يوجد في الطبيعة شيء سخيف أو متروك للصدفة، فلكل شيء أهميته التي يبصرها كل من لم تغشه عقلية وانحيازات الحضارة المادية «.
وتقول المستشرقة الألمانية الدكتورة زيجريد هونكة في كتابها شمس الله على الغرب: إن محمدًا والإسلام هما شمس الله على الغرب». وتضيف: «لقد شاء الله أن يظهر من الأوروبيين من ينادي بالحقيقة ولا يغمط العرب حقهم في أنهم حملوا رسالة عالمية وأدوا خدمة إنسانية للثقافة البشرية قديمًا وحديثًا. إن هذا النفر من الأوروبيين المنصفين لا يأبه لتحدي المتعصبين الذين حاولوا جهد طاقتهم طمس معالم هذه الحضارة العربية والتقليل من شأنها «.اتفق عباقرة الغرب على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أعظم العظماء في تاريخ البشرية. هكذا قال عنه الفيلسوف الإنجليزي برنارد شو ، إنه منقذ البشرية وإن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكيره. وقال عنه توماس كارليل، الحائز على جائزة نوبل:»إنه شهاب أضاء العالم أجمع. « ويضيف: «لقد أصبح من أكبر العار أن يصغي الإنسان المتمدن من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين إن دين الإسلام دين كذب، وإن محمدًا لم يكن على حق. لقد آن لنا أن نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة. فالرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجًا منيرًا أربعة عشر قرنًا من الزمن لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة، التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت، أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع؟ ولو أن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج الكبير لأصبحت الحياة سخفًا وعبثًا، وكان الأجدر بها ألا توجد. إن الرجل الكاذب لا يستطيع أن يبني بيتًا من الطوب لجهله بخصائص البناء، وإذا بناه فما ذلك الذي يبنيه إلا كومة من أخلاط هذه المواد، فما بالك بالذي يبنى بيتًا قامت دعائمه هذه القرون العديدة وتسكنه مئات الملايين من الناس، وعلى ذلك فمن الخطأ أن نعد محمدًا كاذبًا متصنعًا متذرعًا بالحيل والوسائل لغاية أو مطمع. فما الرسالة التي أداها إلا الصدق والحق وما كلمته إلا صوت حق صادر من العالم المجهول، وما هو إلا شهاب أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله. إن طبيعة محمد الدينية تدهش كل باحث مدقق نزيه المقصد بما يتجلى فيها من شدة الإخلاص، فقد كان محمد مصلحا دينيا ذا عقيدة راسخة. أما ول. ديورانت فقال عنه صلى الله عليه وسلم إنه أعظم عظماء التاريخ كله. وقال عنه ألفونس دي لامارتين - الشاعر والسياسي الفرنسي الذي يُعدّ أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية -: «من ذا الذي يجرؤ من الناحية البشرية على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد؟ ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه. عند النظر إلى جميع المقاييس التي تقاس بها عظمة الإنسان. أعظم حب في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.» ويقول عنه يوهان غوته، أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميزين، والذي ترك إرثاً أدبياً وثقافياً ضخماً للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية، وما زال التاريخ الأدبي يتذكره بأعماله الخالدة التي ما زالت أرفف المكتبات في العالم تقتنيها كواحدة من ثرواتها: «كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي، فهو كتاب الكتب، وإني اعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم؛ فلم يعتر القرآن أي تبديل أو تحريف، وعندما نستمع إلى آياته تأخذك روح التشريع فيه، لا يسعك إلا أن تعظم هذا الكتاب العلوي وتقدسه وظني أن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية. إننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد. وسوف لا يتقدم عليه أحد وقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى للإنسان فوجدته في النبي العربي محمد صلى الله عليه. إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد النبي الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال. فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًا خلود الأبد. وإني أرى كثيرًا من بنى قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة» (أوروبا).
في كتابه قصة الحضارة كتب الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ويليام جيمس ديورانت يقول: «وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدًا كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحًا لم يدانه أي مصلح آخر في التاريخ كله.» وعن سبب اختياره لمحمد صلى الله عليه وسلم ليكون أعظم العظماء في التاريخ كتب المؤرخ الشهير مايكل هارت، الفيزيائي الفلكي اليهودي الأمريكي، في كتابه الشهير الخالدون المئة» : إن اختياري محمدًا ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي، فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة ولكنهم ماتوا دون إتمامها كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليها سواهم كموسى في اليهودية، ولكن محمدًا هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكامها وآمنت به شعوب بأسرها في حياته، ولأنه أقام إلى جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة ، ووضع لها كل أسس حياتها ورسم أمور دنياها ووضعها موضع الانطلاق إلى العالم أيضا في حياته فهو الذي بدأ الرسالتين الدينية والدنيوية وأتمهما.»
يوهان غوته (1749– 1832م)
اشتهر الشاعر الألماني الكبير يوهان فولفغانغ فون غوته بالإلهام الذي استمده من التجلي الأدبي والروحي للثقافة الإسلامية ولكن ما يهم بشكل خاص في هذا الظرف، ظرف الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هو قصيدة غوته التي كتبها في 3-1772 للاحتفال بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، المسماة Mahomets Gesang (ترتيلة محممد)، وقد نظم هذه القصيدة وهو في الثّالثة والعشرين من العمر. عندما كان شابًا، تدرب غوته على قراءة وكتابة اللغة العربية وتعرف على القرآن. شعر بشوق كبير لتعلم اللغة العربية. «ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية» .. بهذه الكلمات يصف غوته اللغة العربية. أما تأثره بالقرآن فيظهر جليًّا في مجموعته الشعرية الكبيرة الديوان الشرقي ــ الغربي، ومنها: «لله المشرق، ولله المغرب، والشمال والجنوب يستقران في سلام يديه» وهي محاكاة واضحة لقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ البقرة: 115. تقول أستاذة الأدب الألماني كاترينا مومزن:»إن علاقة غوته بالإسلام ونبيه ظاهرة مدعاة للدهشة في حياته، فكل الشواهد تدل على أنه في أعماقه شديد الاهتمام بالإسلام، وأنه كان يحفظ عشرات من آيات القرآن.» في السنة السبعين من عمره، أعلن غوته على الملإ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي ليلة القدر. وقد أعرب خلال حياته الطويلة بشتى الطرق عن احترامه وإجلاله للإسلام ولرسوله الكريم. تأثرُ غوته بالثقافة العربية والإسلامية أعطى لشعره نوعًا من الدفء والروحانية. قصيدة تمائم ضمن الديوان الشرقي ــ الغربي تعبر بإيجاز شديد وشعرية أنيقة عن جوهر الاِسلام. هذا مقطع من القصيدة:
هو، لا أحد سواه، العدل * ويريد لكل الناس العدل.
من أسمائه المئة أجمعين * سبحوا بهذا الاسم المكين
آمين!
***
يريُد الضلال أن يربكني ويغويني * لكنك تعرف كيف تهديني.
فإن قمتُ بعمل أو نظمتُ الأشعار * فأهدني أنت سواء السبيل.
كان غوته مشغوفًا بالدين الإسلامي والقرآن والشخصية المحمدية ودرس الشريعة الإسلامية وتعمق فيها، وكان يعبر عن شغفه بالقرآن ويقول: «إن الله أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو أمي لا يعرف شيئًا عن الفلسفة، ولم يكن شاعرًا، وهو ما جعل البشر يصدقون دعوته. وكان القرآن معجزة لغوية للعرب، وهم أهل البلاغة، ولن يكون في مقدور أحد من البشر الوصول إلى هذه المعجزة الربانية.» تعلق غوته بالقرآن ومن أجله بذل جهدًا كبيرًا في تعلم اللغة العربية وقرأ ترجمات القرآن ووصف أسلوب القرآن بالعظمة والرهبة. وظهر تأثر غوته الشديد بالإسلام في مسرحيته الدراما المحمدية التي صور فيها بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومعاناته في تبليغ رسالة التوحيد. كما قام بتأليف نشيد محمد في تبجيل النبي صلى الله عليه وسلم عبر فيه عن انبهاره بشخص النبي وجهاده. إن المحبة التي كان يكنها غوته لمحمد صلى الله عليه وسلم جعلته يرى في الإسلام دينه. تبنى الإسلام بإخلاص وأعلن الشهادة وأكد أنه لا إله إلا الله الواحد وأن رسوله وخاتم المرسلين هو محمد صلى الله عليه وسلم. هكذا يكون أعظم شاعر في أوروبا هو أيضًا أول المسلمين في أوروبا الحديثة. هذا ما توحي به بعض أشعاره: الإسلام معناه أن لله التسليم، فعلى الإسلام نحيى ونموت نحن أجمعين. وفي قصيدة "حيوانات محظوظة" يرى غوته أن بعض الحيوانات ستدخل الجنة، ومنها حمار المسيح عليه السلام، وكلب أهل الكهف، وناقة محمد صلى الله عليه وسلم، وقطة أبي هريرة، لا لشيء إلا لأن النبي الكريم قد مسح بلطف على رأسها كما يُروي:
وها هي ذي هرة أبي هريرة
تموء حول سيدها وتلاطفه
إذ سيبقى حيوانا مقدسا على الدوام
ذلك الذي مسح عليه النبي عليه السلام.
في ديسمبر 1820، كتب جوته هذا الشكر على هدية كتاب لصديقه ويليمر: «هو الإسلام يجب علينا جميعًا الاعتراف به عاجلاً أم آجلا» .وكتب في عام 1792: «إن الإيمان بقدر الله هو أنقى مبدأ، ودين محمد خير دليل على ذلك» .يقول غوته في الفرق بين النبي والشاعر وتصديق محمد صلى الله عليه وسلم: «هو نبي وليس شاعرًا، ولذلك يُنظر إلى القرآن على أنه قانون إلهي وليس كتابًا للإنسان معدًا للتربية أو الترفيه».